:[/size]
الحمد لله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله
عليه، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
أيها المسلم، من حكمة الله في هذه الدنيا الصراع بين الحق والباطل، وتسلط
أعداء الإسلام، أهل الكفر والضلال على أهل الإيمان والتقوى، حكمة بالغة،
ولله الحكمة فيما يقضي ويقدر؛ لكن المؤمن حقاً، يؤمن بالقضاء والقدر، بقدر
الله خيره وشره، حلوه ومره، إيماناً جازماً؛ لعلمه أن الله حكيم فيما يقضي
ويُقدر، مهما دلّت المصائب وعظمت البلايا، فالمؤمن يحسن الظن بربه، ويعلم
أنما قضاء الله وقدره عن حكمة يعلمها هو، ومآلات الأمور علمها عند الله: { فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)} [النساء]، كم يكره الناس المصائب والبلايا، وكم تنحسر عن خير في المستقبل، والله جلَّ وعلا يعلم، وأنتم لا تعلمون:
{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن
تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ
تَعْلَمُونَ (216)} [البقرة] ، لا شك أن مصاب
إخواننا في غزة مصاب جلل، وبلاء عظيم، يعتصر القلوب ألماً وحزناً، ومظاهر
شديدة، تدل على الحقد العظيم، والشد المستطير، ولكن الله حكيم عليم، والله
أرحم بعباده من رحمة الأم بابنها.
فعلى المسلمين، الصبر والثبات،
والتمسك في هذا الدين، والصبر أمام الأعداء، والثبات عند المصائب، وعدم
الانهيار أمام المصائب، والتعلق الكامل بالله، والثقة بالله، واستمداد
النصر والخوف من رب العالمين.
وعلى المسلمين، أن يسعوا جميعاً في تضميد هذه الجراح، وفي إسعاف أولئك وما
قدمته حكومة هذا البلد من الخير العظيم، وهذه المساعدات العظيمة لا شك
أنها عمل جليل جداً دليل على ما في قلوب القيادة من رحمة، وعطف على
المسلمين - وفقهم الله لما يحبه ويرضاه-؛ ولكن لا بد من تضافر الجهود،
ودعاء الله في آناء الليل وأطراف النهار، أن يرفع عن هؤلاء المصائب
والبلايا، وأن يُنزل بالعدو المخذول بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
نسأل الله، أن يصلح شؤون المسلمين، وأن يوحِّد قلوبهم على الخير والتقوى.
واعلموا، أن نحسن الظن بربنا، ولا نعترض على القضاء والقدر، ونقول: لماذا؟
ولماذا؟ فالله حكيم عليم، فالعبد لا يدري عن مآلات الأمور، والله جلَّ
وعلا قد قال لنبيه لما أصيب وأصحابه يوم أحد ما أصاب أصحابه من قتل وغيره
أنزل الله: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } [آل عمران: 165] ،
{ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ
فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا
لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104)} [النساء].
فعلى المسلمين، الصبر والثبات: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45)
وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ
وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال].
واعلموا -رحمكم الله-، أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي
محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم
بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ؛ شذ في النار.
وصلوا -رحمكم الله-، على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: {
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56)} [الأحزاب].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين
الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك
أجمعين، وعن التابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك
وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم آمنا في أوطاننا و أصلح أمتنا وولاة أمرنا، اللهم وفقهم لما فيه
صلاح الإسلام والمسلمين، اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين عبد الله بن
عبدالعزيز لكل خير، اللهم أمده بعونك وتوفيقك وتأييدك، اللهم كن له عوناً
ونصيراً في كل ما همه، اللهم أره الحق حقا ووفقه لاتباعه وأره الباطل
باطلاً ووفقه لاجتنابه، اللهم دله على كل عمل تحبه وترضاه إنك على كل شيء
قدير.
اللهم وفّق ولي عهده سلطان بن عبدالعزيز لكل خير، اللهم وفقه وسدده في أقواله وأعماله وأعنه على كل خير إنك على كل شيء قدير.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين، اللهم انصرهم على من بغى عليهم، اللهم اجعل
لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية، اللهم انزل بأسك
بأعدائك اليهود، اللهم انزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين،
اللهم سلّط عليهم من هو أقوى منهم، اللهم خالف بين قلوبهم، اللهم خالف بين
قلوبهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم إنك على كل شيء قدير، اللهم قلت وقولك
الحق:
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ
الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (167)}
[الأعراف ]، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك إنك على كل شيء قدير، اللهم ارحم
الشهداء واشف المرضى، اللهم ارحم الشهداء واشف المرضى، وارفع البأس
والبلاء يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله
إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة
لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا،
اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم
تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن
الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل
يذكركم، واشكروه على عموم نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما
تصنعون.