(السَّلَفِيَّة) بَيْنَ الرَأيِ وَالرَأيِ الآخَر ..وَلَكِنْ!
بقلم: علي بن حسن الحلبي الأثري
مَا زِلْتُ أَقْرَأُ -بِتَدْقِيقٍ- ، وَأُتَابِعُ - بِاهْتِمَامٍ - كَثِيرًا مِمَّا يَصِلُ إِلَيَّ مِنْ مَقَالاتٍ تَتَكَلَّمُ عَنِ (الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّة) -شَرْحًا لَهَا-، أَوْ يَبْلُغُ عِلْمِي مِنْ كِتَابَاتٍ تَنْتَقِدُهَا، وَتُنَاقِشُ شَيئًا مِنْ أُصُولِهَا-وَقَدْ تَكَاثَرَتْ هَذِهِ الأَيَّامَ-جِدًّا-؛ لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ نَتَائِجَ إِيجَابِيَّةٍ
(مُتَعَدِّدَة!) تَنْتُجُ جَرَّاءَ ذَلِكَ؛ سَوَاءٌ عَلَى المُنْتَقِد ، أَوْ المُنْتَقَد - فَضْلاً عَنِ القَارِئِ المُنْصِف ، لاَ المُتَرَبِّصِ المُتَعَسِّف-!
وَلَسْتُ أُبَالِي بِكَثيرٍ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ الأَهْوَجِ الصَّادِرِ مِنْ غَيْرِ المُطَّلِع - أَولاً- ؛ فَضْلاً عَن المُقَلِّدِ فِيهِ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ - بِدُونِ حُجَّة وَلاَ سَنَدٍ - ثَانِيًا - ...
وَلَكِنَّ الَّذِي دَفَعَنِي - دَفْعًا!- لِلكِتَابَةِ - اليَوْمَ - : مَا قَرَأْتُهُ مِنْ كِتَابَةٍ مُطَوَّلَةٍ لِبَعْضِ المُتَطَفِّلِين عَلَى العِلْمِ الشَّرْعِيِّ ، وَالمَعْرِفَةِ الدِّينِيَّةِ ؛ لَمَّا خَاضَ - غَائِصًا - فِي كَثِيرٍ مِنَ القَوْلِ بِالبَاطِلِ حَوْلَ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ ، وَشَيْخِهَا الأَكْبَرِ فِي هَذَا الزَّمَانِ : الإِمَامِ العَلاَّمَةِ مُحَمَّد نَاصِرِ الدِّينِ الأَلْبَانِيِّ - تَغَمَّدَهُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ - .
وَلَقَدْ شَرَّقَ الكَاتِبُ وَغَرَّب - فِي كَثِيرٍ مِمَّا كَتَبَ - وَبَغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلاَ دَلِيلٍ - ؛ وَلَكِنَّ سَائِرَ مَا قَالَ – كَيْفَمَا كَانَ !- دَاخِلٌ دَائِرَةَ مَا تَحْتَمِلُهُ الأَسْمَاعُ وَالقُلُوب - عَلَى مَا فِيهِ مِنْ ادِّعَاءٍ مَقْلُوب ، وَمُصَادَرَةٍ لِلحَقِّ المَطْلُوب !!
لَكِنَّ الَّذِي لاَ يُحْتَمَلُ - وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُتَحَمَّلَ - هُوَ رَمْيُ ذَاكَ الكَاتِبِ - هَدَاهُ الله - الدَّعْوَةَ السَّلَفِيَّةَ بـ ( تَكْفِيرِهَا لِكَثِيرٍ مِنَ الحَرَكَاتِ الإِسْلاَمِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ ) !!!
كَذَا زَعَمَ هَذَا المَتَقَوِّلُ - أَصْلَحَهُ الله - ؛ وَالكُلُّ يَعْرِفُ - دُونَ اسْتِثْنَاء - وَيُقِرُّ - سَوَاءٌ مِنْ جِهَةِ أَوْلِِيَاءِ الأُمُورِ - فَضْلاً عَنْ أَصْغَرِ مُتَابِعٍ ، وَأَقَلِّ مُرَاجِعٍ - أَنَّ هَذَا الزَّعْمَ مِنَ الكَذِبِ الصَّرِيح ، وَمِنَ التَّقَوُّلِ القَبِيح ...
وَالعَجَبُ يَتَضَاعَفُ - جِدًّا - إِذَا تَذَكَّرْنَا أَنَّ السَّلَفِيِّين - إِِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ !- لاَ يَزَالُونَ يَذُبُّونَ عَنْ أَنْفُسِهِم - بِالعِلْمِ وَالحَقِّ - تِلْكَ الفِرْيَةَ النَّكْرَاءَ السَّابِقَةَ - وَالَّتِي اتَّهَمَهُمْ فِيهَا مُنَاوِئُوهُم بِعَقِيدَةٍ ضَالَّةٍ هِيَ عَقِيدَةُ (الإِرْجَاء وَالمُرْجِئَة!!) ؛لاَ لِشَيءٍ إِلاَّ لِكَوْنِهِم لاَ يَنْحَوْنَ مَنْحَى الخَوْضِ فِي التَّكْفِيرِ ، وَلاَ يَلِجُونَ أَبْوابَهُ العَمِيقَة ؛ إِلاَّ بِضَوَابِطِهِ الدَّقِيقَة ، وَأُصُولِهِ المُعْتَمَدَةِ الوَثِيقَة ...
نَاهِيكَ عَن أَنَّ مُنَاظَرَاتِ السَّلَفِيِّين ، وَكِتَابَاتِهِم ، وَرُدُودَهُم ، وَمَوَاقِفَهُم - ضِدَّ التَّكْفِيرِ وَالتَّكْفِيرِيِّين - تَشْهَدُ -بِجَلاَءِ - بِبُطْلاَنِ ذَلِكَ الافْتِرَاء - بِلاَ امْتِرَاء - !
وَمِنْ بَابِ تَحْسِينِ الظَّنِّ - إِنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ ! - أَقُولُ : لَعَلَّ ذَيَّاكَ الكَاتِبَ - هَدَاهُ رَبُّه- خَلَطَ بَيْنَ الحُكْمِ بـ ( كُفْرِ ) قَوْلٍ ،أَوْ مَسْأَلَةٍ ؛ لَيْسَتَلْزِمَ مِنْ ذَلِكَ - وَلاَ بُدَّ !- تَكْفِيرَ صَاحِبِهَا ، أَوْ القَائِلِ بِهَا!!
وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللاَّزِمُ المُتَعَنِّتُ مِنَ العِلْمِ الصَّحِيحِ فِي شَيءٍ !! فَإِنَّ الأُصُولَ السُّنِّيَّةَ المُقَرَّرَةَ-فِي هَذَا البَابِ الدَّقِيقِ- تَقْتَضِي لُزُومَ التَّفْرِيقِ وَالتَّحْقِيقِ فِي ثَلاَثَةِ أُمُورٍ :
الأَوَّل : لَيْسَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ فِي الكُفْرِ يَكُونُ كَافِرًا .
الثَّانِي : أَنَّ الكُفْرَ كُفْرَان ؛ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ .
الثَّالِث : أَنَّ الكُفْرَ الأَكْبَرَ لاَ يَقَعُ صَاحِبُهُ فِيهِ - لُزُومًا - إِلاَّ بِوُجُودِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ المَوَانِع .
... وَعَلَيِهِ ؛ فَبِاللهِ عَلَيْكُم : كَيْفَ تُفْتَرَى تِلْكُمُ الفِرْيَةُ – أَصْلاً - ؛ بَلْهَ أَن يُتَّهَمَ بِهَا المُنَاقِضُون إِيَّاهَا ، وَالمُخَالِفُونَ لَهَا - مِنْ أَسَاسِهَا -؟!
وَخِتَامًا ؛ فَإِنِّي أَقُولُ - غَيْرَ مُبَالِغٍ - وَلاَمُتَعَصِّبٍ!- ؛ بَلْ مُبِيِّنًا لِوَاقِع - مَا لَهُ مِنْ دَافِع -:
لاَ أَعْلَمُ فِي هَذَا الزَّمَانِ - وَالمُوفِّقُ الله - أَحَدًا - جَمَاعَةً أَوْ أَفْرَادًا - رَدَّ عَلَى أَهْلِ التَّكْفِيرِ غُلَوَاءَهُم ، وَنَقَضَ عَلَى التَّكْفِيرِيِّين شُبُهَاتِهِم : أَكْثَرَ مِنْ عُلَمَاءِ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ وَدُعَاتِهَا ؛ حَتَّى جَعَلُوا أَنْفُسَهُم - بِسَبَبِ ذَلِكَ - وَاللهُ الحَافِظُ - عُرْضَةً لِنَقْمَةِ أُولَئِكَ الحَمْقَى ، وَغَرَضًا لِسَهْمِهِم المُلْقَى !!
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإله وَإِنْ يَشَأْ....... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَلْيَتَّقِ اللهَ رَجُلٌ كَتَبَ فَكَذَبَ ، وَهَرَفَ وَمَا عَرَفَ ...
وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ ، وَإِنَّ بَنِي عَمِّكَ فِيهِمْ رِمَاح !!
وَ {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا } ...