المدير العام Admin
عدد الرسائل : 435 : السٌّمعَة : 0 نقاط : 177 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: كلمة للشيخ الألباني رحمه الله قيمة في التحذير من إثارة الفتن مع الحكام الخميس 4 سبتمبر 2008 - 22:14 | |
| كلمة محدث العصر صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - في التحذير من إثارة الفتن مع الحكام
فقد قال - رحمه الله تعالى -: ((ثم كنت - ولا أزل- أقول لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين: هَبُوا أن هؤلاء كفار كفر ردة، وأنهم لو كان هناك حاكم أعلى عليهم، واكتشف منهم أن كفرهم كفر ردة؛ لوجب على ذلك الحاكم أن يطبق فيهم الحد، فالآن ما تستفيدون أنتم من الناحية العملية إذا سلمنا- جدلا - أن كل هؤلاء الحكام كفار كفر ردة ؟ ماذا يمكن أن تعملوه ؟ هؤلاء الكفار احتلوا من بلاد الإسلام، ونحن هنا - مع الأسف - ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين، فماذا نستطيع نحن وأنتم أن نعمل مع هؤلاء، حتى تستطيعوا أنتم مع الحكام الذين تظنون أنهم من الكفار ؟ هَلا تركتم هذه الناحية جانبًا، وبدأتم بتأسيس القاعدة التي على أساسها تقوم قائمة الحكومة المسلمة، وذلك باتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- التي ربى أصحابه عليها، ونشّأهم على نظامها وأساسها، وذلك ما نُعَبّر عنه في كثير من مثل هذه المناسبة، بأنه لا بد لكل جماعة مسلمة تعمل بحق لإعادة حكم الإسلام - ليس فقط على أرض الإسلام - بل بحقٍّ على الأرض كلها، تحقيقًا لقوله تبارك وتعالى: )هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( ([1]). وقد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن هذه الآية ستُحَقّق فيما بعد؛ فلكي يتمكن المسلمون من تحقيق هذا النص القرآني، هل يكون الطريق بإعلان ثورة على هؤلاء الحكام الذين يظنون كفرهم كفر ردة ؟! ثم مع ظنهم هذا - وهو ظن خاطئ - لا يستطيعون أن يعملوا شيئًا!! ماهو المنهج ؟ ماهو الطريق ؟ لا شك أن الطريق: هو ما كان رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يدندن حوله، ويُذَكِّر أصحابه به في كل خطبة: ((وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-((فعلى المسلمين كافة - وبخاصة منهم من يهتم بإعادة الحكم الإسلامي- أن يبدأ من حيث بدأ رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهو ما نُكَنّي نحن عنه بكلمتين خفيفتين: ( التصفية والتربية ). ذلك لأننا نحن نعلم حقيقة يغفل عنها أو يتغافل عنها- في الأصح - أولئك ( الغلاة ) الذين ليس لهم إلا إعلان تكفير الحكام، ثم لا شيء، وسيظلون يعلنون كفر الحكام، ثم لا يصدر منهم إلا ( الفتن ) والواقع في هذه السنوات الأخيرة التي تعلمونها، بدءًا من فتنة الحرم المكي، إلى فتنة مصر، وقتل السادات، وذهاب دماء كثير من المسلمين الأبرياء، ثم أخيرًا في سوريا، ثم الآن في مصر، والجزائر - مع الأسف - كل هذا بسبب أنهم خالفوا كثيرًا من نصوص الكتاب والسنة، وأهمها: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا( ([2]). إذا أردنا أن نقيم حكم الله في الأرض، هل نبدأ بقتال الحكام - ونحن لا نستطيع أن نقاتلهم - ؟ أم نبدأ بما بدأ به الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؟ لا شك أن الجواب: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ( ([3]) بماذا بدأ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ؟ تعلمون أنه بدأ بالدعوة بين الأفراد الذين كان يظن فيهم الاستعداد لتقبل الحق، ثم استجاب له من استجاب، كما هو معروف في السيرة النبوية، ثم التعذيب والشِّدَّة التي أصابت المسلمين في مكة، ثم الأمر بالهجرة الأولى والثانية إلى آخر ما هناك، حتى وطَّد الله - عز وجل - الإسلام في المدينة المنورة([4]) وبدأت هناك المناوشات، وبدأ القتال بين المسلمين والكفار من جهة، ثم اليهود من جهة أخرى. إذًا، لا بد أن نبدأ نحن بتعليم الناس الإسلام، كما بدأ الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لكن نحن الآن لا نقتصر على التعليم، لأنه دخل الإسلام ما ليس منه، وما لا يمتُّ إليه بصلة، بل دخل عليه ما كان سببًا في تهدم الصرح الإسلامي، فلذلك كان من الواجب على الدعاة: أن يـبدؤوا بتصفية هذا الإسلام مما دخل فيه. والشيء الثاني: أن يقترن مع هذه التصفية تربية الشباب المسلم الناشئ على هذا الإسلام المصَفَّى، ونحن إذا درسنا الجماعات الإسلامية القائمة الآن منذ نحو قرابة قرن من الزمان؛ لوجدنا كثيرًا منهم لم يستفيدوا شيئًا رغم صياحهم، ورغم ضجيجهم بأنهم يريدونها حكومة إسلامية، وسفكوا دماء أبرياء كثيرين بهذه الحجة، دون أن يستفيدوا من ذلك شيئًا، فلا نزال نسمع منهم العقائد المخالفة للكتاب والسنة، والأعمال المنافية للكتاب والسنة. وبهذه المناسبة نقول: هنالك كلمة لأحد الدعاة، كنت أتمنى من أتباعه أن يلتزموا بها، ويحققوها، وهي: ( أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم؛ تقم لكم على أرضكم ) لأن المسلم إذا صحح عقيدته بناءً على الكتاب والسنة؛ فلا شك أنه من وراء ذلك ستصلح عبادته، وستصلح أخلاقه وسلوكه... إلخ لكن هذه الكلمة الطيبة - مع الأسف - لم يعمل بها هؤلاء الناس، فظلوا يصيحون بإقامة الدولة المسلمة دون جدوي، وصدق فيهم قول ذلك الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ***إن السفينة لا تجري على اليـبس
لعل في هذا الذي ذكرته كفاية، جوابًا على هذا السؤال )). ([5]) .اهـ.
~~~
([1]) [ التوبة: 33 ].
([2]) [ الأحزاب: 21 ].
([3]) [ الأحزاب: 21 ].
([4]) لبعض أهل العلم تَحفُّظٌ على هذا الاصطلاح , فَيُنْظر.
([5]) انظر((المجلة السلفية)) 1/1415، نقلًا من ((فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة)) (ص 157-160). | |
|