طـــرْقٌ على ابواب بغداد

بغدادتشكـو ضعفهـا وهزالَـهـا
اكـل الدمـار شبابهـا وجمالَهـا
وغدا الخراب انيس كل ربوعهـا
والموت يحكي في الشوارع حالَها
قادت خطاهـا للمهالـك عصبـة
ومن الشجا كالـوا لهـا مكيالَهـا
ولقد تغير مـاء دجلـة .والتظـت
فيها العوادي ،واستبـاح دَلالَهـا
اين ابتسامتها التي سرق الضحى
منها مفاتنـه .وشـال خصالَهـا
وجدائـل كـم تستـحـم تـدلـلا
شعثـاء امسـت رثـة اسمالَهـا
وملاعب هجر الصحـاب دروبهـا
قفـراء تنطـر لوعـة جُوَّالَـهـا
ذبلت مفاتنها .وقد طمـس البلـى
فيهـا بشاشتهـا وشـدَّ حبالهـا
تمشـي مثقلـة ً.تنـوء كليـلـة
حملـت علـى عكـازة اوجالهـا
تعبى وترتعش الخطـى مشلولـة
والداء رغمـا قـد ابـاح كمالهـا
اطفا الغزاة بهاءهـا وطغـى بهـا
مـوت وشـدت زمـرة اقفالهـا
هجرت حمائمهـا ضـلال نخيلهـا
وغدت الـى درب الفنـاء مآلهـا
خفتت كنائسها وغـادر جرسهـا
وبكى الاذان منائـرا يُدعـى لهـا
ثكلـى تكلَّـلُ بالسـواد ديـارهـا
قاد الجناة الـى المنـون رجالهـا
كانـت تفيـض ليونـة وطـراوة
سرق اللصوص مع الصباح غلالها
ونمت بها سود الخطوب وامرعت
بضفافها .واستاصلـت اوصالهـا
ومشت بهـا للفوضويـة عصبـة
(جنكيز ) اولـم للـردى اطفالهـا
فطغى بها حقد المغـول ..جهامـه
عـمَّ البـلاد سهولهـا وجبالهـا
الله يا وطني الـذي شكمـوا لـه
اهلوه بسمتـه ..ورغمـا غالهـا
اهلي خصومي .والعروبة من بنت
قبـري .واهـدت للغـزاة دِلالهـا

***
بغداد .ضيعت الجـراح فتونهـا
وشكت الـى احبابهـا اذلالهـا
حتى بها الويلات صارت موطنا
ودما بغابـات الـردى سيالهـا
ما زالت السكين .يسكن نصلهـا
بين الضلوع .وللشبيبـة طالهـا
عاد التتار وعاد (هولاكو ) لهـا
بلد النخيل الى البـوار احالهـا
وانين شعبي شهقـة محروقـة
في نهر دجلة احرقـت انهالهـا
والذكريات .شريط حـزن طافـر
عقدت على اشلائنـا ترحالهـا
بغداد، ياخيل الجـراح توهجـي
غضبا.. وتندب للوعى رئبالهـا
اطفالنا فوق الـدروب تناثـرت
كتلا ..وتلثم .رهبـة .مغتالهـا
جسد هنا .رأس هنـاك مهشـم
ويـد وسـاق تشتكـي قتّالهـا
كتف هنا .وهناك وجـه غـارق
صاغت له كفّ المغـول وبالهـا
عُنُق ٌ.ويبحث عن بقايا ربطـة
عَلِقت .وينطر في الدروب عيالها
مِزَعٌ وارصفة الشوارع شهقـة
حرى .تصيح وتشتكي اهمالهـا
بغداد يا ناري التي احترقت بهـا
مدني .وبيتي.. قطعوا انسالهـا
بغداد يا جثثـا تصيـح لربهـا
ظمأى .وتعقد بالسمـا تجوالهـا
ولهيـب مجـزرة .بكـل ثنيـة
صوت تجرع ضربة .من نالها ؟
بلدي يُدَمر .اخوتـي ،وجرائـم
لا تنتهي .وبنـا يزيـد نكالهـا

***

بغداد سفـر فواجـع ومـواجـع
ومقابـر .ضمـت بهـا انجالهـا
كفـن ومـوت وانتهـاك محـارم
هشمت .وَأوْقَـدَ بالحطـام وبالهـا
ضمـوه .لطفـا باركـوه بقبـلـة
لا تجرحوه ..دعـوا بنـا ايغالهـا
زمن الرصافة والهوى عنها انزوى
ما زاد الا فـي الحشـا اشعالهـا
لـم تَبـقَ لـذات بهـا وصبابـة
الا الشجا فيهـا نضـى سربالهـا
يا جثة .كانـت وعراهـا القضـا
وشكت لنا يا بؤسهـا اضمحلالهـا
بغداد مـا بخلـت بخيـر كنوزهـا
هرقت الـى كـل الأُلـى افضالهـا
تبقـى برغـم العاديـات عصيـة
ستُجـذُّ ايـدٍ تبتـغـي اعلالـهـا
بغداد يا وجعـا يحاصـر مهجتـي
غالوا على شط الغـروب هلالهـا
كانت الـى دنيـا العروبـة كعبـة
والكـل يطلـب ودهـا ووصالهـا
فدمي بدجلة راح يخضـب جرفـه
وديـار اهلـي اعلنـوا انفالـهـا
واليوم .تدمـى تستجيـر اسيـرة
ما صاح من احد لها ومشـى لهـا
امسـت لتجـار البغـاء قريـنـة
وبها الرعـاع تسيـدوا اعمالهـا
وا ربُّ صيحة حـرة مـا لامسـت
اذنـا ، وهـزت عاقديـن حِيالهـا
لم تنطفـيءْ كشموسنـا بسمائنـا
ستظـل تدفـع للـردى اشبالهـا
بغداد ما انقطعت بها طُرُقُ العلـى
او قـد جفـا ابناؤهـا شلالـهـا
ابناؤها الصيـد الكمـاة اذا دجـت
سود الخطوب وزاحمـت اطوالهـا
لا يقطعون ومـا تجهـم روعهـا
عنها الوصال وينكـرون خيالهـا
بغـداد احملهـا بكـل جـوارحـي
واصدُّ عنها مـا فتـرت نصالهـا
ما كدت القي عن سطوري نزفهـا
حتـى عقـدت لغـارة اهوالـهـا
بغـداد تسكننـي قصيـدة شاعـر
يالي من الوجـع المريـر ويالهـا
قد عشت بيـن ربوعهـا متجلببـا
حبـي ،والثـم ظامئـا سلسالهـا
ما غبت عنها او بعـدت مهجَّـرا
الا وحـيـت مقلـتـي تمثالـهـا
ابـدا تظـل بخاطـري تحتلـنـي
لا، لا تبارحنـي واسكـن بالـهـا
شوق يمزق مضجعـي .يجتاحنـي
ويزيـد بـي فـي نايهـا بلبالهـا
انا مثقـل بالهـم يقطـن اضلعـي
عطشا. وينثر في العيـون قذالهـا
انا طائـر للجمـر احمـل هيكـلا
للموت .انسـج درعهـا وذُبالهـا
باتت مـن الارزاء بيـن مشافـر
ومخالـب .نهشـت لهـا آمالهـا
جدّوا لنصرتهـا فبغـداد الهـوى
فـي محنـة .زاد البلـى امحالهـا
واسعـوا لفـكِّ قيودهـا وتالبـوا
وتوحـدوا . وتقحمـوا ..اثقالهـا
بغداد ينبت فـي نواحيهـا الـردى
فاعجـب لفاتنـة دحـت نشّالهـا
رغم الماسي لم يزل عبـق الشـذا
بضفافهـا .نسجـت لـه منوالهـا
لم تسعفوها .فاقـراوا فـي محنـة
عنها السـلام .واوقفـوا اشعالهـا
هجرت عصافير الصباح رياضهـا
وجفت اراجيـح النـدى ادغالهـا
لا لست انسى تربـة نشـات بهـا
روحي .واُنكر صبرهـا ونضالهـا
أتراه ينسـى النازحـون بلادهـم
واعزّ مـا فيهـا تـرى اطلالهـا
لا تقلقي بغـداد .سـوف تُوَحَّـدي
وغـدا سنزحـم ثائريـن مجالهـا
فلقـد غرسنـا للفـدا اجسـادنـا
لنصدَّ عن هـذي الربـى ضُلاّلهـا
فالشعـب ان رام الحيـاة بـعـزة
لا بد من جيـل يخـوض قتالهـا
في كل يوم سـوف يولـد فـارس
وتعـدُّ بغـداد العـلـى خيالـهـا
وارى العدوَّ يجرُّ خيبة مـا جنـى
ويشد مـن خـور عـلاه رحالهـا
فخـذي مكانـك انّ ارضـك جنـة
شمست بكـل الطامعيـن رمالهـا
لا بـدّ ينحسـر الدجـى فتهيـاي
لرسالـة ..وتعجـلـي ارسالـهـا
قتلاك ضوء فـي دروب دياجـري
تبقى وقد شهد المـلا استبسالهـا
شـدي فارضـك للغـزاة مقابـر
بصهيل مجـدك حطمـت اغلالهـا
خطي .فعينـاك العصـور جميعهـا
وسطـور عـزك للخلـود مقالهـا
لن تستفيـق حضـارة دون الفـدا
والحرب سعّرت الكبـار سجالهـا
وزحوفنا، ستظـل تجتـاح المـدى
ترد الوغى وتشبهـا قسطالهـا *
لن يوقف الطغيان صـوت مجاهـد
وبروحه كـرم الوفـا ابـدى لهـا
بغداد ما خلقـت لتذبـح (نعجـة )
وتبيع في سـوق البغـا خلخالهـا
تشكـو وانتـم تسمعـون انينهـا
يـا امـة أمِـن العـدوّ صِيالهـا
مـرت سنـون خمسـة محشـوة
الما ..ونطحـن بالشبـاب نبالهـا
شر السياسـة ان تُقـادَ حكومـة
وتجر صـوب المهلكـات عيالهـا
بنيت على قتل الشعـوب ونزفهـا
حتـى تـرى بمماتنـا اسقلالهـا
شرٌّ ،ولا شورى تسوس امورهـم
نسج الضلال كما تـرى اضلالهـا
فالشعب في وادٍ يصيح مـن العيـا
والحاكمـون وطوّلـت اغفالـهـا
فتكسرت بيـن الضلـوع جموحـة
هذي النصال وللحتوف حبـى لهـا
يبقى يكابـر .والجـراح تنوشـه
وتصير تاجا منـه صـاغ جلالهـا
لـولا تفرقنـا .وطـول خلافـنـا
ما ادركت منـا الشعـوب منالهـا
طمع الغريب فنال منا مـا ابتغـى
ومشى يهـدّم للحضيـض قِلالهـا
الهازئين .مـن العروبـة باسمنـا
ولهـم تؤيـد جرمهـا وفعالـهـا
فالارض بيعت يـا اعـز جنائـن
فاسال فمن عنها يجـي سؤالهـا ؟
بغداد فيهـا المرجفـون تحكمـوا
وبها العـداة استحكمـت اعوالهـا
ملكوا ضفاف الشاطئيـن فسيـدوا
فيها الخـراب ..فودعتـه زلالهـا
كانت الى دنيـا العروبـة جـذوة
والظلـم راح محـاولا ابطالـهـا
ملـك العبيـد امورهـا وتحكمـوا
فيهـا وسافـوا للبلـى مفضالهـا
لا تقنطـي .بغـداد فجـرك قـادم
وغـدا سننسـف بالعـدا اجبالهـا

***

يا ابن العراق .وما اقول قصائدي
الا لاوقظ في النفـوس مِلالهـا
ولكي اهزَّ بهـا الشعـور مؤلبـا
ارض الجنوب وكي اثير شمالها
فالنصر منا قد دنا ويـرف فـي
آفاقنـا .ومحطـمـا اغلالـهـا
ضاع العراق وقد تعـدد اوجهـا
وتعـددت اديانـه ..اشكالـهـا
***

بغداد رغم الاحتـلال ستبتـدي
شوطا جديدا ..فاشهدوا اقبالهـا
لا لن تظل سبيـة فـي عريهـا
سنزيح عن خضر الربى انكالها
لن تُسْتَرَقَّ ولن يـدوم هوانهـا
والموت كابوس غدا .غربالهـا
شماء تحرس للعريـن ليوثهـا
ستدك في غبش السرى ارتالهـا
كـم حاولـوا اذلالهـا وتفننـوا
في غزوها ..وتعمدوا اذعالها *
بغداد يا تاج البلاد ومـا حـوت
سكن البلى اطرافها وبكـى لهـا
ستعود من عدم وعنهـا ينجلـي
غلس الظلام ،وقد دحت افيالهـا
شدي الجراح وضمدي اوجاعها
لا بـدَّ تحمـل للـردى نُزّالهـا
حفروا قبورهمُ .وكـل جريمـة
يوما ستشهد ..والسما تندى لها
وبرغم كل العاديات ومـا اتـت
ستعود تلبـس للقـاء عقالهـا
وسيدرك الغـازون لا تتعجلـوا
- والله عون الصابرين- فعالها
سنكون كالبركان ..يجتاح الذرى
نسقي بكاسات الـردى دجالهـا
وتظل تخفق في السها اعلامنـا
حتى وان عقدوا لنا استكمالهـا
تبقى منـارا للشعـوب وكعبـة
وتظل تغسـل بالنـدى أصالهـا
تشتاق نفسي قبلما يفد الـردى
مـن ان تغـي للقـا موّالـهـا
عمري يمـرّ بعبئـه وهمومـه
جـرّت علـي طحونـة اذيالهـا
هذي القصائد .قد نسجت حروفها
ولها فؤادي عاشقا غنـى لهـا
بغداد يا وجع الجراح تنوشنـي
ذكراك .انـي ارتجـي ابلالهـا
ان العروبة حين اسجـد قبلتـي
واشد في حبل الرجـاء حبالهـا
سيظل لحـم قصيدتـي انقاضـه
فوق الرصيف مهشما محتالهـا
بغداد جرحي مـا يـزال بنزفـه
يهب الشعور حرائقا يدنى لهـا
شدي سنمطرهم بالـف مـدرع
ونعود نـزرع بالرجـال تلالهـا
نحن البداية فوق اكتاف الـذرى
نحن النهاية .فاسحقوا من نالها
فالخيل تقتحم الوغـى ارسانهـا
لبست رؤوس الخائنيـن نعالهـا
جيل من الاوجاع ينبـت ثـورة
ويجالـدون بعـزمـة آجالـهـا
اني لاحمل نزع روحـي طلقـة
وبها اصوغ الى الطغاة زوالهـا