أهل السنة والجماعة...لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
كاتب الموضوع
رسالة
المدير العام Admin
عدد الرسائل : 435 : السٌّمعَة : 0 نقاط : 177 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
موضوع: أهل السنة والجماعة...لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الأربعاء 25 يونيو 2008 - 16:42
أهل السنة والجماعة من هي الطائفة المنصورة؟ وكيف تُعرف؟ فأجاب رحمه الله تعالى: الطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم الذين كانوا على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه عقيدةً وقولاً وفعلاً. ففي العقيدة: يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، يؤمنون بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، يؤمنون بأن الله تعالى هو الحق وأن ما يدعى من دونه هو الباطل، يؤمنون بكل ما سمى الله به نفسه أو ما سماه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، يؤمنون كذلك بملائكة الله تعالى على ما جاء في الكتاب والسنة، وبكتبه وبرسله وباليوم الآخر والقدر خيره وشره، يتعبدون لله تعالى بما شرع، لا يبتدعون في دين الله تعالى ما لم يشرع، يعتقدون أن كل بدعة في دين الله تعالى ضلالة، مخلصون لله تعالى في عباداتهم؛ لأنهم أمروا بذلك: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ). لا يبتدعون في دين الله ما ليس منه، لا في العقيدة ولا في الأعمال القولية أو الفعلية، بل هم مخلصون لله، متبعون لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، وهم أهل السنة والجماعة. *** ما أهمية الجماعة في الإسلام؟ وهل يشترط على المسلم أن ينتمي إلى جماعةٍ معينة؟ فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الجماعة في الإسلام هي الاجتماع على شريعة الله عز وجل التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك). هذه هي الجماعة التي يجب على الإنسان أن ينتمي إليها، أما الجماعة الحزبية التي لا تريد إلا انتصار رأيها، سواء كان بحق أم بباطل، فإنه لا يجوز الانتماء إليها؛ لأن ذلك متضمنٌ البراءة من الجماعة الإسلامية، والولاية للجماعة الحزبية التي فيها التفرق والاختلاف، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله). وقال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ). وقال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ). وهذه الجماعات الإسلامية التي تنتمي إلى الإسلام وهدفها انتصار الإسلام يجب عليها أن لا تتفرق، يجب عليها أن تنحصر في طائفةٍ واحدة، طائفة الجماعة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي). وهذه الجماعات فرقت الأمة وشتتهم، وألقت بينهم العداوة، حتى صار الواحد منهم ينظر إلى الثاني نظر العدو البعيد، مع أن الكل منهم مسلم ينتمي إلى الإسلام ويريد أن ينتصر الإسلام به، ولكن أنى وقد تفرقوا هذا التفرق، وتمزقوا هذا التمزق؟ فالذي ينبغي أن أوجه إخواني إليه من هذا المنبر منبر نور على الدرب من إذاعة المملكة العربية السعودية أن يجتمعوا على الحق؟ وأن يجتنبوا أوجه الاختلاف بينهم، فيزيلوها بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والحقيقة أن هذا التفرق أصبح فريسته هذا الوعي الذي نشاهده في الشباب الإسلامي، فإن هذا الشباب بتفرق هذه الجماعات صار كل طائفةٍ منهم تنتمي إلى جماعة، صار كل واحدٍ منهم ينتمي إلى جماعة من هذه الجماعات، وتفرقوا وصار بعضهم يسب بعضاً ويطعن في بعض، وهذه ضربةٌ قاسية قاصمةٌ للظهر إلى هذه الصحوة التي بدأت ولله الحمد تظهر آثارها في شباب المسلمين. المهم أنني أنا أنصح بعدم التفرق ولو في ضمن هذه الجماعات، وأرى أن تكون الأمة الإسلامية أمةً واحدة ،لا تختلف ولا تتسمى كل واحدةٍ منهم باسم ترى أنها ندٌ للجماعات الأخرى. *** وجدت في تفسير ابن كثير حديثاً يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة). فهل هذا الحديث صحيح؟ وما هي الفرق الضالة من هذه الفرقة الناجية؟ فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح، بكثرة طرقه، وتلقي الأمة له بالقبول، فإن العلماء قبلوه وأثبتوه حتى في بعض كتب العقائد، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن الفرقة الناجية هي الجماعة الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدة وقول وعمل، فمن التزم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقائد الصحيحة السليمة و الأقوال والأفعال المشروعة فإن ذلك هو الفرقة الناجية، ولا يختص ذلك بزمان ولا بمكان، بل كل من التزم هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ظاهراً وباطناً فهو من هذه الجماعة الناجية، وهي ناجية في الدنيا من البدع والمخالفات، وناجية في الآخرة من النار. *** ماالمقصود بالسلف ؟ فأجاب رحمه الله تعالى: السلف معناه المتقدمون، فكل متقدم على غيره فهو سلف له، ولكن إذا أطلق لفظ السلف فالمراد به القرون الثلاثة المفضلة: الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، هؤلاء هم السلف الصالح، ومن كان بعدهم وسار على منهاجهم فإنه مثلهم على طريقة السلف، وإن كان متأخراً عنهم في الزمن؛ لأن السلفية تطلق على المنهاج الذي سلكه السلف الصالح رضي الله عنهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ،كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة). وفي لفظ: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي). وبناء على ذلك تكون السلفية هنا مقيدة بالمعنى، فكل من كان على منهاج الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان فهو سلفي وإن كان في عصرنا، هذا وهو القرن الرابع عشر بعد الهجرة. *** ما المراد بالتوسط في الدين أو الوسطية؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التوسط في الدين أو الوسطية أن يكون الإنسان بين الغالي والجافي، وهذا يدخل في الأمور العلمية العقدية، وفي الأمور العملية التعبدية. فمثلاً في الأمور العقدية انقسم الناس فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته إلى ثلاثة أقسام: طرفان ووسط طرفٌ، غلا في التنزيه فنفى عن الله ما سمى ووصف به نفسه، وقسمٌ غلا في الإثبات فأثبت لله ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، لكن باعتقاد المماثلة، وقسمٌ وسط أثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، لكن بدون اعتقاد المماثلة، بل باعتقاد المخالفة، وأن الله تعالى لا يماثله شيئٌ من مخلوقاته. مثال الأول الذين غلوا في التنزيه الذين يقولون: إن الله تعالى لا يوصف إلا بصفاتٍ معينة حددوها، وادعوا أن العقل دل عليها، وأن ما سواها لا يثبت؛ لأن العقل بزعمهم لم يدل عليها، فمثلاً أثبتوا صفة الإرادة لله وقالوا: إن الله تعالى مريد، لكنهم نفوا صفة الرحمة عنه وقالوا: معنى الرحمة الإحسان أو إرادة الإحسان، وليست وصفاً في الله عز وجل، فتجد هؤلاء أخطؤوا حيث نفوا ما وصف الله به نفسه، بل نفوا ما كانت دلالة العقل فيه أظهر من دلالة العقل على ما أثبتوه ، فإن إثباتهم للإرادة بالطريق العقلي أنهم قالوا: إن تخصيص المخلوقات بما تختص به مثل: هذه سماء وهذا أرض وهذه بعير وهذه فرس وهذا ذكر وهذه أنثى، هذا التخصيص يدل على إرادة الخالق أنه أراد أن يكون الشيء على هذا فكان. فنقول لهم: إن دلالة نعم الله عز وجل ودفع نقمه تدل على الرحمة أكثر مما يدل التخصيص على الإرادة، ولكن مع ذلك نفوا الرحمة وأثبتوا الإرادة، بناءً على شبهةٍ عرضت لهم. القسم الثاني الذين غلوا في الإثبات وهم أهل التمثيل، قالوا: نثبت لله عز وجل الصفات، لكن على وجهٍ مماثل للمخلوق، وهؤلاء ضلوا وغفلوا عن قول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). والقسم الثالث الوسط قالوا: نثبت لله كل ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو فيما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، مع اعتقاد عدم المماثلة، وأن ما يثبت للخالق من ذلك مخالفٌ لما يثبت للمخلوق، فإن ما يثبت للخالق أكمل وأعلى، كما قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). هذا في العقيدة، كذلك أيضاً في الأعمال البدنية: من الناس من يغلو فيزيد ويشدد على نفسه، ومن الناس من يتهاون ويفرط فيضيع شيئاً كثيرا،ً وخير الأمور الوسط . والوسط الضابط فيه: ما جاءت به الشريعة فهو وسط، وما خالف الشريعة فليس بوسط، بل هو مائل إما للإفراط وإما إلى التفريط. وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية خمسة أصول، بين فيها رحمه الله أن أهل السنة فيها وسطٌ بين طوائف المبتدعة، فيا حبذا لو أن السائل رجع إليها؛ لما فيها من الفائدة. *** عبد الله بن عبد الرزاق يقول: ما حكم من قال بأن الخوض في مسائل العقيدة والتوحيد والمناقشات العلمية يسبب الفرقة وضياع الجهد والفكر والدعوة؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التعمق في السؤال فيما يتعلق بالعقيدة ليس هو من طريق السلف، بل كانوا يحذرون منه غاية التحذير؛ لأن أمور العقيدة أمورٌ غيبية يجب أن يتلقاها الإنسان بالتسليم، دون الخوض في كيفياتها وحقيقتها، ولهذا لما سأل رجلٌ الإمام مالكاً رحمه الله عن قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى): كيف استوى؟ فأطرق مالكٌ رحمه الله برأسه حتى علاه الرحض- أي: حتى علاه العرق- ثم رفع رأسه فقال: (يا هذا! الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً)، ثم أمر به فأخرج من المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأما البحث عن معاني أسماء الله تعالى وصفاته وإثباتها على الوجه اللائق به جل وعلا من غير تكييفٍ ولا تمثيل فهذا حق، وهذا منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، هذه هي القاعدة والجادة فيما يتعلق بالعقيدة، ولكن إذا ابتليت بشخص أرغمك على أن تبحث معه وله اصطلاحات خاصة، فعليك أن تبين الحق، وأن لا تسكت أو تسكته إلا إذا علمنا أنه معاند، فلنا أن نسكته حتى يعرف قدر نفسه. *** أم عبدالله تقول: ما حكم التنطع في الإسلام؟ وضحوا لنا ذلك من الكتاب والسنة؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التنطع في الإسلام معناه التشدد في الإسلام والتعمق والتقعر، وحكمه أنه هلاك للمرء ؛لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون). ودين الله سبحانه وتعالى الحق بين الغالي فيه والجافي عنه، فالتعمق والتنطع وإلزام النفس بما لا يلزمها هذا كله هلاك، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. *** ما السبب في وجود عقيدة صحيحة وعقيدة خاطئة؟ فأجاب رحمه الله تعالى: هذا سؤالٌ عجيب! يعني إذاً قل: ما السبب في وجود مؤمنين وكافرين؟ ما السبب في وجود فاسقين ومعتدلين؟ ونقول: السبب في ذلك أن هذه حكمة الله عز وجل، كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ). وقال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً). أي: على دينٍ واحد وعقيدة واحدة ،ولكن: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ). ولولا هذا الاختلاف لكان خلق الجنة والنار عبثاً؛ لأن النار تحتاج إلى أهل والجنة تحتاج إلى أهل، فلا بد من الاختلاف. لكن ينبغي أن يقول: ما هو الضابط في العقيدة الصحيحة وفي العقيدة الفاسدة؟ وجوابنا على هذا أن نقول: ما كان موافقاًً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فهو عقيدةٌ صحيحة، وما كان مخالفاً لهم فهو عقيدةٌ فاسدة، وكذلك يقال في الأعمال البدنية: ما كان موافقاً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فهو عملٌ صالح، وما لم يكن كذلك فهو عملٌ فاسد، وهذا هو الذي ينبغي أن نسأل عنه، وينبغي أن نبحث: هل نحن في عقيدتنا، هل نحن في أعمالنا موافقون لما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه أم مخالفون؟!! *** في بعض البلاد الإسلامية يدرس تاريخ الإسلام بطريقة غير صحيحة، مما يؤدي إلى بغض بعض الصحابة رضوان الله عليهم، نرجو التوضيح خاصة عن موقف بعض المعارك؟ فأجاب رحمه الله تعالى: ما قاله السائل صحيح، فإن التاريخ في الحقيقة يزوّر ويشوّه حسب ما تكون الدولة، فهو خاضع مع الأسف للدولة بحيث توجهه حيث ما تريد، وخاضع كذلك لبعض الأفكار التي تجترئ على الكذب وتستسيغه في جانب ما تدعو إليه وتهدف إليه، ولذلك نرى في كثير من كتب التاريخ أشياء مشوهة إن كان صدقاً، وكثيراً وكثيراً مزورة مكذوبة، لاسيما فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم مما هم فيه معذورون؛ لأنهم مجتهدون، ومن أصاب منهم له أجران، ومن أخطأ فله أجر، وخطؤه مغفور. فيجب على المرء أن يحذر من مثل هذه الكتب المزورة أو المشوهة بزيادة أو نقص، لاسيما إذا كان يشعر بأن هذا الكتاب مثلاً يسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم في تشويه حياتهم ومجتمعاتهم؛ لأن القدح في الصحابة رضي الله عنهم ليس قدحاً في الصحابة أنفسهم فقط، بل هو قدح فيهم وقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدح في الشريعة، وقدح في الله سبحانه وتعالى؛ لأنه إذا صار القدح في الصحابة رضي الله عنهم كان ذلك قدحاً في الشريعة؛ لأنهم هم وسيلة النقل، هم الذين نقلوها إلينا، فإذا كانوا محل قدح وعيب فكيف نثق بالشريعة التي بين أيدينا وهي جاءت عن طريقهم؟ وإذا كان قدحاً في الصحابة صار قدحاً في النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أصحابه وأحبابه وناصروه على أعدائه، والقدح في الصاحب قدح في المصحوب، وإذا كان القدح في الصحابة صار قدحاً في الله عز وجل، فكيف يقال: إن الله تعالى اختار لنبيه -وهو أفضل خلقه- مثل هؤلاء الأصحاب الذين هم محل القدح والسب والعيب؟ إذاً فالقدح في الصحابة قدح في الله وفي رسوله وفي شريعته، والأمر أمر عظيم، وكتب التاريخ قد يكون بعضها متناولاً لهذا الأمر مما يكون دالاً على القدح في الصحابة إما تصريحاً وإما تلميحاً ،فليحذر المؤمن من مثل هذه التواريخ التي تضله .والله المستعان.
أهل السنة والجماعة...لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين