بسم الله الرحمن الرحيم
قال صلى الله عليه وسلم : ( حصنوا أموالكم بالزكاة و داووا مرضاتكم بالصدقة )
الــزكــاة
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة يكفر من أنكر فرضيتها ، و يفسق من تكاسل عن دفعها . أما عقاب مانع الزكاة في الآخرة ، فقد قال تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم .ٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } [ التوبة : 34 \ 35 ]
وقال صلى الله عليه وسلم : { من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مُثّل له ماله شجاعا – ثعبانا – أقرع له زبيبتان – نقطتاه سوداوان – يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه – شدقيه ( جانبي فمه ) ، ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك ، ثم تلا : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ...} [ آل عمران : 180 ] رواه البخاري و مسلم .
شروط وجوب الزكاة :
1 ـ الإسلام
2 ـ البلوغ و العقل ، و هما شرطان عند الحنفية ، فلا زكاة على الصبي و المجنون في مالهما . و قال الشافعية : لا يشترطان ، و تجب الزكاة في مالهما
3 ـ كون المال نصابا ، أو مقدرا بقيمة النصاب ، و نصاب الذهب عند الحنفية ( 100 غ ) ، و عند الجمهور ( الشافعية و المالكية و الحنابلة ) ( 72 غ ) . و نصاب الفضة ( 700 غ ) عند الحنفية و ( 504 غ ) عند الجمهور . أما الورق النقدي فيقدر على نصاب الذهب و الفضة ، و لكن الأفضل هو: الأخذ بنصاب الفضة رعاية لجانب الإحتياط ، و رحمة بالفقراء .
4ـ أن يملك النصاب ملكا تاما ، و هو أن يكون المال مملوكا في اليد قادرا على التصرف فيه ، فارغا عنه الدين ، فلا تجب الزكاة على المدين الذي في يده مال غيره ، و إنما زكاة هذا المال على المالك الأصلي ، لكن لا تجب في دين أنكره المديون سنين ، و لا بينة للدائن يثبت بها حقه عليه ، و هذا عند الحنفية . و قال الشافعية : على المدين زكاته إذا حال عليه الحول ( سنة قمرية ) ، و هو في ملكه .
5 ـ أن يحول الحول القمري مع تمام النصاب ( و الحول القمري ينقص عن السنة الشمسية 11 يوم تقريبا ) قال الحنفية : يشترط كون النصاب كاملا في طرفي الحول ، سواء بقي في أثنائه كاملا أم لا . و قال الشافعية : يشترط مضي حول كامل متوال في نصاب الذهب أو الفضة و الأوراق النقدية ، فلو نقص النصاب في أثناء الحول ، و لو لحظة لم تجب الزكاة ، و عندما يبلغ النصاب يبتدىء الحول من جديد . و لعل الأنفع للمستحقين ، و الأورع للمالكين أن يأخذوا بالمذهب الحنفي . أما بالنسبة للسلع التجارية عند الشافعية ، فالعبرة ببلوغها نصابا آخر العام منذ البدء بالمتاجرة ، فلا يشترط بلوغها نصابا عند بدء التجارة ، ولا بقاؤها كذلك خلال الحول .
6 ـ كون المال مما تجب فيه الزكاة ، وهو خمسة أصناف :
أ ـ النقود : ذهب \ فضة \ ورق نقدي
ب ـ عروض التجارة و تشمل كل البضائع ، أو الحوائج المعدة للربح و التجارة ، و يشترط لوجوب الزكاة فيها نية التجارة
ج ـ الأنعام : الإبل \ البقر \ الجاموس\الغنم \ الماعز
د- . الزروع و الثمار
هـ- المعادن
7 ـ عدم الدين ، وهو شرط عند الحنفية ، و ليس بشرط عند الشافعية . فلو استغرق الدين عند الشافعية أموال الزكاة ، أو انقص النصاب ، فإن ذلك لا يمنع وجوب الزكاة .
زكاة حلي النساء :
قال الحنفية : تجب زكاته إذا بلغ ( 100 غ ) فما فوق في بداية الحول و آخره ، و يعتبر في زكاته الوزن لا القيمة . و قال الجمهور : لا تجب الزكاة فيه إلا إذا اتخذ كنزا ، أو كان فيه سرف ظاهر ، و مجاوزة للمعتاد . و لا زكاة في الجواهر و اللألىء و المعادن _ إن لم يقصد بها التجارة ـ غير الذهب و الفضة ، و السيارة الخاصة ، و العقارات غير المعدة للتجارة ، و الأمتعة ، و آلات الصناعة ، و أجهزة المعامل . و إنما تجب الزكاة فيما تنتجه المعامل ، و في المواد الأولية للتصنيع .
شروط صحة أداء الزكاة : ـ
1- النية المقارنة للأداء للفقير حقيقة ، كأن ينوي عند الدفع للفقير ، أو حكما كأن يدفع الزكاة للفقير بدون نية ، ثم ينوي بعد الدفع ، و المال لم يتصرف به الفقير بعد . أو النية المقارنة لعزل الزكاة ليوزع منها شيئا فشيئا ولا يشترط علم الفقير بأنها زكاة
2 ـ التمليك ، فلا يكفي فيها الإباحة ، أو الإطعام للفقير .
وقت أداء الزكاة :
1 ـ زكاة الأموال من الذهب و الفضة و عروض التجارة و السوائم ـ التي تُرعى أكثر السنة من المراعي العامة المباحة ـ تدفع زكاتها مرة واحدة في العام ، و لا يجوز تأخيرها للعام القادم عند الحنفية . أما عند الشافعية ، فتجب زكاتها فورا بعد انتهاء الحول إذا تمكن من إخراجها ، و ذلك بأن يكون المال حاضرا عنده ، فإن كان غائبا عن المكان الذي هو فيه ، بأن كان في بلدة أخرى ، أو كان دينا في ذمة بعض الناس ، لم يكلف بإخراج الزكاة عنه فور ا ، و أن توفر تحت يده المبلغ الذي يجب إخراجه عن المال المشغول بالدين ، و جب إخراجه فورا
2 ـ زكاة الزروع و الثمار ، و تدفع زكاتها من غلاتها ، وتتكرر بتكرر الإنتاج .
كيف يحسب التاجر أو المنتج زكاة أمواله عند المذهب الحنفي :
1 ـ يحسب قيمة ما يملك من البضائع ، و العقارات المعد ة للتجارة ، و الموزاد المعدة للتجارة أو التصنيع ، و يقدر قيمتها بالنسية لأمثالها : إن كان منتجا ، فيقدر قيمتها بكلفتها كمنتج ، و إن كان تاجرجملة فيقدر قيمتها كما لنفسه و أمثاله من بائعي الجملة ، و إن كان تاجر مفرقات فإنه يقدر قيمتها كما لو كان يشتريها بالجملة ، و يقدر قيمة هذه البضائع بالأسعار التي تستحقها اليوم ، سواء أكان ذلك أقل من سعر التكلفة أو الشراء أم أكثر .
2 ـ يضيف إلى قيمة هذه البضائع ما عنده من النقود و الذهب و الفضة ، و يضيف لها ماله ديون على الناس
3 ـ يحسب ما عليه من الديون ، و يطرحها من مجموع ما يملك ، فيكون المبلغ الصافي خالص رأسماله الحالي الذي تجب فيه الزكاة ، و يخرج الزكاة عن جميع هذا المبلغ سواء أكان أقل من رأسمال العام الفائت ، أم أكثر بكثير
4 ـ يقدر الزكاة بنسبة 2,5 % إذا كان حولا قمريا . أما إذا كان شمسيا فهو 2,6 % .
القاعدة الذهبية في حساب الزكاة عند الحنفية ( آخر الحول ) = ذهب + فضة + نقود + قيمة البضائع + الأشياء المعدة للتجارة + الديون الدائنة = مجموع هذه الأملاك – الديون المدينة = المبلغ الصافي x 2,5 % = قيمة الزكاة .
مصارف الزكاة : 1ـ الفقراء 2 ـ المساكين 3 ـ العاملون عليها ( وهم الذين يجمعون الزكاة تحت إشراف الدولة ) 4 ـ المؤلفة قلوبهم ، و هم مسلمو حديثو عهد بالإسلام ، يتوقع بإعطائهم أن يقوى إسلامهم ، أو غير مسلمين ذوو وجاهة ومكانة في قومهم ، يتوقع بإعطائهم إسلام أمثالهم ، أو هم مسلمون يقومون على الثغور يحمون المسلمين من هجمات الكفار و شر البغاة ـ أو يقومون بجبي الزكاة من قوم يتعذر إرسال عمال إليهم ، و هؤلاء يعطون من الزكاة عند الشافعية إذا كان المسلمون في حاجة إليهم . ولا يعطون من الزكاة عند الحنفية لانتشار الإسلام و غلبته 5 ـ الرقاب ( فك أسر العبيد ) و بما أن الرق قد حرّم فلا وجود لهذا الصنف حاليا 6 ـ الغارمين ، و الغارم هو : من عليه دين ، ولا يملك نصابا فاضلا عن دينه ، و هذا عند الحنفية . و عند الشافعية هم الذين أثقلتهم الديون ، وعجزوا عن وفائها . فيعطى هؤلاء ما يقدرون به على وفاء ديونهم التي حلت آجالها مع ما يكفيهم مطعما و ملبسا و مسكنا 7 ـ سبيل الله ( الغزاة المجاهدون ) 8 ـ ابن السبيل ( المسافر الذي لايجد في سفره ما لا يوصله لبلده ) .
و لا يجوز أن يدفع الزكاة إلى 1 ـ غير المسلم 2 ـ المساجد و تكفين الموتى و قضاء دين الميت ، و كل ما تمليك فيه 3 ـ الأصول ( الأب و الجد و إن علا ) و الفروع الأولاد و إن سفلوا . و يجوز عند الشافعية دفع الزكاة إلى الأولاد إن كانوا بالغين عاقلين غير مرضى بمرض مزمن ، و غير قادرين على الكسب من عمل يليق بهم و يكفل لهم ما يكفيهم أما باقي الأقارب فالدفع لهم أفضل عند الحنفية و الشافعية 4 ـ الزوجات 5 ـ الغني الذي يملك قدر النصاب
ملاحظات : 1 ـ قال الجمهور : لا يجزىء إخراج القيمة في شيء من الزكاة ، و يجوز إخراج القيمة في زكاة التجارة عند الشافعية . و قال الحنفية : يجوز دفع القيمة في الزكاة ( و يجوز تقليده )
2 ـ الضريبة لا تقوم مقام الزكاة
3 ـ يكره نقل الزكاة لبلد آخر عند الحنفية و لا يجوز عند الشافعية
4 ـ يحرم التحايل لإسقاط الزكاة كأن يهب المال لفقير ثم يشتريه منه
5 ـ يحرم دفع الزكاة لمن يصرفها في معصية إذا علم المزكي ذلك
6 ـ لا يجوز أن يعطى الفقير ما يزيد على قيمة النصاب ، و يجوز عند الشافعية أن يدفع له ما تزول حاجته ، أو كفايته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة .
المراجع : الفقه الإسلامي و أدلته للزحيلي \ الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري \ الفقه المنهجي للبغا و آخرين \ الفقه الإسلامي للسلقيني \ تنوير القلوب للكردي \ المفصل في الفقه الحنفي لماجد عتر