الجهاد في سبيل الله: المبحث الثالث: مراتب الجهاد في سبيل الله:
كاتب الموضوع
رسالة
نور الهداية المشرف العام
عدد الرسائل : 243 : السٌّمعَة : 1 نقاط : 78 تاريخ التسجيل : 18/05/2008
موضوع: الجهاد في سبيل الله: المبحث الثالث: مراتب الجهاد في سبيل الله: السبت 7 يونيو 2008 - 14:04
الجهاد في سبيل الله:
المبحث الثالث: مراتب الجهاد في سبيل الله: الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، والشيطان، والكفار، والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات: أولاً: جهاد النفس أربع مراتب: 1 ـ جهادها على تعلم أمور الدين والهُدى الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به. 2 ـ جهادها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها. 3ـ جهادها على الدعوة إليه ببصيرة، وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله. 4ـ جهادها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، وأن يتحمل ذلك كله لله. فمن علم وعمل، وصبر فذاك يُدعى عظيمًا في ملكوت السماوات. ثانيًا: جهاد الشيطان وله مرتبتان: 1ـ جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيما 2ـ جهاده على دفع ما يلقي إليه من الشهوات والإرادات الفاسدة، فالجهاد الأول بعد اليقين والثاني بعد الصبر، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]. والشيطان أخبث الأعداء، قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6].
رابعًا: جهاد أصحاب الظلم والعدوان، والبدع والمنكرات: وله ثلاث مراتب: 1ـ باليد إذا قدر المجاهد على ذلك. 2ـ فإن عجز انتقل إلى اللسان. 3ـ فإن عجز جاهد بالقلب، فعن أبي سعيد – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"( 1). فهذه ثلاث عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس عند الله من كمل مراتب الجهاد كلها، والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد؛ ولهذا كان أكمل الخلق وأكرمهم على الله محمد خاتم أنبيائه ورسله؛ فإنه كمّل مرات بالجهاد وجاهد في الله حق جهاده( 2)، فصلوات الله وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار
ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعًا على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث فضالة بن عبيد الله – رضي الله عنه -: "ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب"( 3). كان جهاد النفس مقدَّمًا على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له، فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرها الله به وتترك ما نهاها الله عنه ويحاربها في الله، لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصار عليه وعدوه الذي بين جنبيه غالب له وقاهر له؟ ولا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهد نفسه على الخروج. فهذان عدوان(4 ) وبينهما عدو ثالث لا يمكن للعبد أن يجاهدهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يثبط الإنسان عن جهادهما ويخوِّفه ويخذله، ولا يزال يخوفه ما في جهادهما من المشاق، وفوات اللذات، والشهوات، فلا يمكنه أن يجاهد هذين العدوين إلا بجهاد هذا العدو الثالث وهو الأصل لجهادهما وهو الشيطان(5 ).
(1 ) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، برقم 49. ( 2) انظر زاد المعاد لابن القيم 3/10 و12. (3 ) أحمد في المسند، 6/21، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/11، قال الألباني في إسناد الإمام أحمد: "وهذا إسناد صحيح" انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/81، برقم 549. ( 4) النفس، والعدو في خارجها. ( 5) انظر زاد المعاد 3/6.
الجهاد في سبيل الله: المبحث الثالث: مراتب الجهاد في سبيل الله: