بدء الوحي حديث بدء الوحي هو الاساس الذي يترتب عليه جميع حقائق الدين لذلك حاول محترفو التشكيك التلبيس في حقيقته والخلط بينه وبين الالهام وحديث النفس والصرع مما يجعلنا ندرك الحكمة الإلهية الباهرة من بدء نزول الوحي بهذه الطريقة لقد فوجئ محمد عليه الصلاة والسلام بجبريل امامه يراه بعينه وهو يقول له اقرأ حتى يتبين ان ظاهرة الوحي ليست امرا ذاتيا داخليا مرده الى حديث النفس وانما هي استقبال وتلق لحقيقة خارجية لا علاقة لها بالنفس وداخل الذات وضم الملك اياه ثم ارساله ثلاث مرات قائلا في كل مرة اقرأ يعتبر تأكيدا لهذا التلقي الخارجي وداخله الخوف والرعب لكي يتضح لكل مفكر عاقل انه لم يكن متشوفا للرسالة وان ظاهرة الوحي لم تأت منسجمة او متممة لشيء مما قد يتصورهوانما طرأت طروءا مثيرا على حياته وهذا ليس شأن من يتدرج في التأمل والتفكير الى ان تتكون في نفسه بطريقة الكشف التدريجي المستمر عقيدة يؤمن بالدعوة اليها وحالات الالهام وحديث النفس والتفكير لا تستدعي الخوف والرعب وهي انفعالات قسرية لا تصطنع حتى لو فرضنا المستحيل من انقلاب طباعه المعروفة ويتجلى المزيد من صورة المفاجأة المخيفة لديه في توهمه بأن الذي رآه قد يكون اتيا من الجن وكان الله سبحانه وتعالى قادرا ان يربط على قلبه ولكن الحكمة الإلهية اقتضت اظهار الانفصال التام بين شخصية محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وشخصيته بعدها وبيان ان شيئا من اركان العقيدة الاسلامية او التشريع الاسلامي لم يطبخ في ذهنه سابقا ولم يتصور الدعوة اليه سلفا وفيما ألهم الله سبحانه وتعالى خديجة من الذهاب به عليه الصلاة والسلام الى ورقة بن نوفل تأكيدا من جانب آخر بأن الذي فوجئ به انما هو الوحي وانقطاع الوحي بعد ذلك فيه ابلغ الرد على ما يفسر به محترفو الغزو الفكري الوحي من انه الاشراق النفسي المنبعث من طول التأمل ليس من شرط وجود الموجودات ان ترى بالابصار واستمرار الوحي بعد ذلك يحمل الدلالة نفسها على حقيقته وانه ليس ظاهرة نفسية وتجمل هذه الدلالة فيما يلي : - التمييز الواضح بين القرآن والحديث فكان يأمر بتسجيل الاول فورا - كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن امور فلا يجيب حتى ينزل الوحي - كان صلى الله عليه وسلم اميا وليس من الممكن ان يعلن انسان بالمكاشفة النفسية حقائق تاريخية - صدقه صلى الله عليه وسلم اربعين سنة مع قومه يستدعي ان يكون صادقا مع نفسه فلا بد ان يكون قد قضى في دراسته لظاهرة الوحي على أي شك يخايل لعينيه او فكره سورة يونس 94