أيتها المؤمنة اصطبري واحتسبي:
حين يشتد الحر ويزداد الضيق لكن جهنم أشد حرًا قال تعالى: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة:81].
سخرية واستهزاء وامتهان من بعض الجهلة والسفهاء، كل ذلك يهون إذا ما قورن بما لقيه المسلمون والمسلمات من أذى وعنت ومشقة حتى وصل إلينا هذا الدين كاملا بأوامره ونواهيه.
تُرى لو لقيت امرأة تركت أمر الله تعالى لها بالحجاب من أجل اشتداد الحر أو الشعور بالضيق بعض الشيء أو ازدراء البعض وسخريتهم، لو لقيت هذه شيئًا مما لقيته سمية بنت خياط، أو رأت ما رأته الصحابيات رضي الله تعالى عنهم أجمعين ما عساها أن تفعل، إنها إذن لكفرت بالله وارتدت عن دينها ما دامت لا تصبر على حراسة فضيلتها وحجابها.
لكن ولله الحمد نرى من النماذج المشرقة التي تتجدد مع كل مسلمة تُعرِض عن حطام الدنيا وزخرفها الباطل ونظرة أهل الدنيا الزائغة، في سبيل الله، وطاعة لأمر الله عز وجل بحجابها؛ فتصبر على ما تلاقيه من ضغوط وتضييق.
وبقي أن نُذَكر أختنا في الله: أن الحجاب ليس موضة.
حيث اتسع مفهوم الحجاب في تصور المسلمين والمسلمات الآن، وصار وصف المرأة المحجبة له صور وأنماط وأشكال تتداعى في مخيلة كل من يسمع هذا اللفظ.
فهناك غطاء الرأس مع كشف بعض الشعر أو الرقبة أو شيء من البدن، وقد تكون الملابس خفيفة أو شفافة أو معطرة أو تشبه لباس الرجال أو تكون الثياب في ذاتها زينة بألوانها الزاهية الجذابة ونقوشها الملفتة للنظر.
وكل هذا وغيره من صور أخرى تمثل مفهوم لمفهوم الحجاب في واقع المسلمين، والذي هو بعيد عن المفهوم الشرعي له، ويعكس مدى التجهيل والحرب المتصاعدة على هذه الفريضة، وساعد على ذلك وجود طائفة من المتبرجات اللاتي هرولن نحو «الحل الوسط» بزعمهن، تخلصًا من الحرج الاجتماعي أحيانًا، وأحيانًا أخرى هروبًا من الحرج الشرعي وخاصة بعد انتشار الحجاب الشرعي بحمد الله تعالى.
فنجد حجاب العادة الذي يمكن بسهولة ولأقل داع أن يُخلع في المناسبات أو تظهر المرأة بدونه أمام الأجانب بكل تساهل.
ونجد حجاب الموضة الذي له أزياؤه وألوانه التي تختلف صيفًا وشتاءً، حتى صار لهذا الحجاب المزعوم بيوت أزياء منتشرة. فسمعنا عن (فساتين) للمحجبات فقط و (أغطية رأس) للمحجبات فقط و(كوافير) فيه قسم خاص بالمحجبات فقط حتى تقرأ مؤخرًا في بعض الصحف المنسوبة إلى الصحافة الإسلامية دعوة صريحة إلى إقامة عرض أزياء للمحجبات في مصر على غرار عرض أزياء للمحجبات فقط في تركيا العلمانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكل هذا يُضَيِّع من هيبة الحجاب كفريضة دينية وشعيرة تعبدية في النفوس قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].
وهل يُرضي الله عز وجل أن يصير الحجاب (موضة) يغيرونها وقتما أرادوا، وتذهب وتجيء كما يفعلون (بموضاتهم) تلاعبًا بعقول شبابنا؟ والحجاب الشرعي ما شُرع إلا لإخفاء زينة المرأة لا إظهارها، فهذا هدفه وأصله.
فإن من شروط الحجاب الشرعي ألا يكون زينة في نفسه تلفت الأنظار، فمن ارتدت الحجاب طاعة لأمر الله وتحقيقًا للعبودية له عز وجل ليس لها أن تتبع هواها في صورته وشكله، فهل نعبد الله على مرادنا وهوانا أم على مراد الله عز وجل وحده؟!
فمتى تعي أختنا هذا الأمر ونستمسك بحجاب الطاعة في زمان الفتن الذي يغفل الناس فيه عن دينهم ويشتغلون عنه بدنياهم قال صلى الله عليه وسلم : «العبادة في الهَرْج كهجرة إليّ» [مسلم (2948)]، قال النووي: والهرْج هنا الفتنة.
فاحتسبي يا أَمَة الله..